الاثنين، 18 يناير 2010

أم بسمة - 4

ومرت الأيام بلا جديد ، حياتنا باردة ، هو دائما خارج البيت ،وأنا طوال الوقت عصبية ومنهارة وأبكي،ثم فكرت في زيارة طبيب نفسي بعد أن أصبحت حالتي النفسية تؤثر في نفسية أطفالي، فهم أيضا أصبحوا مكتئبين، وقلقين وعصبيين،ذهبت لطبيب نفسي أستمع لي لمدة نصف ساعة وقال خذي هذه الأدوية بانتظام!


(( فقط،هذا فقط؟؟ ألن تنصحني بعمل شيء؟ ألن تحل مشكلتي؟؟))

خرجت من عيادته منهارة أكثر ولأول مرة أشعر بحجم مشكلتي، أنا حقا في مأزق كبير، فمشكلتي أكبر من أن يحلها الطبيب، ولأول مرة أيضا أحدث أختي في موضوعي، حدثتها، واستمعت لي، ثم قالت: كل هذا ونحن لا نعلم، كيف تسكتين على هذا..؟؟ أنت بحاجة إلى حل...!

ذهبت معها لاستشارة إحدى الاستشاريات، وحضرنا أنا وهي عدة محاضرات، حول التجمل للزوج، وحق الفراش، وحسن العشرة، والتعاون، وكل الكلام المعاد والمكرر.....

لكن مشكلتي تختلف! فأنا اهتم بنفسي جيدا، وأساعد زوجي وأرعى حقه في الفراش، وأحبه، أفعل كل شيء بلا فائدة ! يئست كثيرا..!! يئست جدا..!!

زادت معاناتي أكثر، بعد أن علمت أختي بحكايتي لأنها كانت قلقة علي طوال الوقت، حزينة لأجلي..!!

وذات يوم حدثت المعجزة..!! كانت لدي صديقة قديمة، لم ألتقيها منذ مدة، وبينما أنا في مستشفى الكرنيش تفاجأت بها أمامي، وكان لقاء ساخنا، سالت لأجله الدموع، ووعدنا بعضنا أن نتواصل ولا نفترق أبدأ، لاحظت السعادة المشرقة في عينيها، ووجدتها لا زالت شابة يانعة، بينما أنا حزينة متعبة، كانت ملابسها راقية، وطفليها الجميلين ما شاء الله يبدوان مرحين على العكس من أطفالي، تلبس ساعة ماسية، وأنا ليس لدي سوى خاتم خطوبتي المكسور أديره كي لا يعلم أحد أنه مكسور!

جلست إلى جوارها خجلة من مظهري، ولكنها كعادتها لا تهتم لمظهر الآخرين، إنها سعيدة برؤيتي، صديقتي الحبيبة لم تتغير... لازالت بطيبتها وجمالها.

في نهاية الحديث قالت لي: أين ذهبت ابتسامتك الجميلة، طوال حديثي إليك لم ألحظ سوى واحدة حزينة، لن أسمح لك بالذهاب قبل أن أرى ابتسامتك الجميلة، وكانت فعلا أول مرة أبتسم بفرح منذ فترة طويلة.

تحسنت نفسيتي قليلا بعد لقائي صديقتي، أصبحت أفضل ذلك المساء حضرت العشاء بنفس لأولادي أحتضنتهم، وقبلتهم قبل النوم، وأنا لم أفعل ذلك منذ فترة طويلة...

أصبحت صديقتي تتصل بي بشكل دائم، أنعشت حياتي قليلا، ثم أصبحنا نخرج سويا بصحبة الأطفال للحدائق ومراكز الألعاب..

 وفي إحدى المرات: سألتني ماذا بك؟؟ لم تعودي كما كنت، أنت حزينة، أشعر بك؟

ترددت في الحديث، لكنها أمسكت بوجهي وحاصرتني بنظراتها، فانهارت دموعي، ولم أدري ما أصابني،بقيت أبكي، وأبكي، وأبكي ...دون توقف........ احتضنتي كطفلة صغيرة .. وبدأت تهمس في أذني: أعدك أن كل شيء سيكون بخير..أعدك فاهدئي... وحكيت لها كل شيء... كل شيء، وكأني كنت أرمي كما كبيرا من الأثقال عن صدري، حتى ارتحت تماما

كانت تستمع بصمت، وابتسامة خاصة، وعندما انتهيت ابتسمت أكثر وقالت: أعدك أن كل هذا سيتغير.!!!!

وبعد يومين اتصلت بي ، وأخبرتني أن هناك موعدا هاما ينتظرنا، وطلبت مني أن لا أسألها !

وألحت علي بشكل غريب، سأستأذن من عملي وأمر عليك كوني جاهزة، لا أريد أي تأخير...

إلى أين؟؟ أخبريني، من حقي أن أعلم.؟؟

ردت: إلى مكان ستجدين فيه حلا لمشكلتك بإذن الله... !!

لكني ألححت أردت أن أعلم إلى أين ستأخذني؟؟

قالت: استشارية، ستستمع لك وتحل مشكلتك، إنها مختلفة ؟؟

فغضبت وصرخت: لا أرجوك لا أريد لم أعد أحتمل المزيد من الإحباط، لن أذهب، ورجاء لا تلحي علي..

جربي يا صديقتي لن تندمي إن شاء الله،جربي هذه المرة الأمر يختلف ..

لا .. أرجوك أنسي هذا الموضوع نهائيا..

لقد حجزت موعدا فلا تحرجيني معها، أرجوك أعطي نفسك فرصة أخيرة..

لا لن أذهب إلى أية استشارية، لن أذهب، إنهم جميعا...!

وأغلقت الهاتف، وأغضبت صديقتي الوحيدة، ودخلت غرفتي أقلب صندوق ذكرياتي بهستيريا ، أبحث عن رسائل زوجي لي وبطاقاته القديمة، وصور الخطوبة وكل الذكريات الجميلة رميتها على الأرض وبدأت أمزق ما يقع في يدي، وأبكي بحرقة، ثم فتحت دولابي ومزقت جميع قمصان النوم الجديدة التي لم تفلح في حل مشاكلي، ثم أخذت علبة مكياجي ورميت بكل محتوياتها في فتحة المرحاض!!

كل هذا فعلته بسرعة ودون وعي مني، ثم انهرت على أرضية الحمام أبكي في زاوية منه وأتساءل بصوت مسموع، لماذا فعلت بي هذا ؟؟ لماذا؟؟ لماذا؟؟ أين أنت الآن؟؟ وأنا في انهياري، وألمي؟؟ أين أنت؟؟

كنت أفتقد زوجي بشدة، ومررت بمرحلة جوع عاطفي شديد، كنت أتوق لكلمات تشعرني بالأمان، أتوق لحضنه، وكلماته الحانية، واطمئناني إلى جواره، سمعت الخادمة صوت بكائي فهرعت إلي ورفعتني عن الأرض وقدمت لي العصير واتصلت بأختي، وجاءت أختي مسرعة...؟؟ وحملتني إلى المستشفى، وهناك تبين أني أعاني من أعراض انهيار عصبي ! وحقنت بمهدئ ونمت حتى صباح اليوم التالي!

حينما أفقت وجدت أمي وصديقتي إلى جواري، ولم أره هو ! فسألت عنه! لكن أمي ردت بغضب: بعد تسألين عنه، الله ياخذه ما دريت أن المشكلة واصلة لهذي الدرجة، مالج رجعة لبيته إلا بعد ما يشوف أبوج وأخوانج.

عدت مع والدتي إلى بيت والدي، وهناك أيضا كان طفلاي الصغيران،

علمت فيما بعد من صديقتي أنه جاء ليراني في المستشفى وكان خائفا علي لكن أمي منعته،وعند المساء جاء إلى بيت أهلي، ليطمئن على صحتي، ويعيدني للبيت، لكن أبي طلب منه جلسة تفاهم، واستدعيت لمواجهته..

سأله أبي ما سبب كل هذه المشاكل؟

فأجاب: أية مشاكل لا توجد مشاكل بيننا، لقد خرجت البارحة للعمل، ولم تكن هناك أية مشكلة... بيننا !

فسألني أبي: ردي عليه ماذا لديك، قولي ما سبب هذه المشاكل؟

فجأة ضاع كل الكلام! فجأة لم يعد لدي سبب، نعم، ما هو سبب مشكلتي، لماذا أنا حزينة، لم أعد أتذكر، أو، لأن الأمر........... بقيت صامته، لم أتحدث، ماذا أقول، أن زوجي لا يعاملني بحب، ولا يحتضنني كما كان، ولا يهتم لمشاعري....... ماذا أقول؟

انتهى النقاش، وطلب منه والدي أن يحسن عشرتي، وهو قال لوالدي: كل شيء على ما يرام.......!

وعدت للمنزل مع زوجي الذي طوقني بذراعه أمام والدي، وقبلني بدفئ مصطنع، وعند باب بيتي رن جرس الموبايل الخاص بزوجي فقال لي أدخلي البيت وارتاحي وغيري ملابسك، وأنا لن أغيب سأحضر العشاء وأعود، صدقته، ونزلت... مرت الساعات، وغفوت على الصوفا، لأفيق عند السابعة صباحا، ......... وهو لم يعد بعد..!!

ترى هل آن الأوان لأزور الدكتورة ناعمة.............!!؟؟ تلك هي المسألة..؟؟ وذلك هو الحل....؟؟ لكن ليس بهذه السهولة ... فالدموع القادمة أكثر ........والألم القادم أشد !

دخل زوجي الفاضل البيت عند السابعة والنصف، مستعجلا،

"" صباح الخير حبيبتي""

ثم جرى سريعا نحو الغرفة ليبدل ملابسه ويذهب لعمله..

تبعته: أين كنت حتى الآن؟؟

كل يوم علي أن أجيب عن هذا السؤال،كم مرة قلت لك أنها أعمال!

أية أعمل هذه التي تستمر طوال الليل؟؟

لا حول ولا قوة إلى بالله، أتركيني أبدل ملابسي، لا وقت لدي للنقاش!

لا وقت لديك للنقاش، متى سيكون لديك وقت لأراك ؟

اتركيني الآن وإلا أقسم بالله !

قاطعته"" أقسم بالله ماذا ؟؟ ماذا بقي تهددني به""

اسمعي هذه حياتي، وهذا طبعي أعجبك أهلا وسهلا لم يعجبك، ألبسي الباب( يعني أخرجي من البيت) !

ودفعني خارج الغرفة من كتفي بقسوة و إهانة ، ولأول مرة يتملكني هذا الشعور العنيف، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا انقض عليه وأضربه بكلتا قبضتي على صدره، وأصرخ" بعد ماذا تطردني بعد أن دمرت حياتي، أنت دمرت حياتي، أنت دمرت حياتي........ وبقيت أردد وأصرخ وأضربه، وهو يحاول أن يتفادى ضرباتي في البداية ثم فجأة وبسبب ما ألت إليه من انهيار، طوقني بذراعيه بشدة، وأخذ يضمني ويهدئني،وأخيرا أحسست بحبه وعطفه وهو يطوق علي بذراعيه ويضمني، ويهمس لي:

يكفي حبيبتي يكفي، آسف لم أقصد ما قلت اعذريني أنا أسف..

كانت تلك كلماته قبل أن أغيب عن الوعي من شدة الإعياء.......

عندما أفقت، كان إلى جواري،

هل أنت بخير ؟؟

"" نعم""

لقد فزعت عليك، لا تتصورين حجم الخوف الذي انتابني، أرجوك لا تفعلي هذا مرة أخرى، تأكدي بأني أحبك، لكني رجل مشغول صدقيني...

لكني لن أصدقه بعد الآن أبدا... سأبدأ رحلتي اليوم ..... سأبدأ رحلتي، فطرده لي من حياته علمني الكثير...انتظرت حتى خرج إلى عمله، تناولت الهاتف واتصلت بصديقتي

" أريد ان أعطي نفسي فرصة أخيرة، سأذهب للاستشارية التي قلت عنها""

حقا هل أنت جادة؟؟

"" نعم سأحاول من جديد""

إذا أعطني خمس دقائق لآخذ موعدا جديدا..

وحصلنا على موعد بعد أسبوع من الحادثة، لم يتغير خلالها زوجي وبقي على حاله المزري.

زيارتي الأولى للدكتورة، كيف كانت، وماذا قالت..؟؟ وكيف وصفتني .. وكيف وصفت زوجي..؟؟

كيــــــــــــف؟؟؟؟؟؟

يتبع

4 التعليقات:

نون النساء يقول...

العطاء بلا مقابل بداية التهلكة

نغمض اعيننا عن الأنانية ونجملها ونحسن من مظهرها .. ويأتي يوم ونصبح مثل ام بسمة ..

لا نتذكر لما يعتمر الحزن وما السبب..
وكيف ومتى بدأ كل شي ...




وايد تأثرت بهالجزئية من القصة

نواعم يقول...

نون النساء

عجبتني وقفاتك العميقة مع النص

وهذا اللي بوصله لكم

لأني أشوفه منتشر وبكثرة..

وياليت التصرف هذا صح ..:(

للأسف مو هذا المطلوب ..

الزين يقول...

لما المره ترتب حياتي على اساس وجود رجل معين فيها

تبتدي تتنازل عن وايد شغلات
حتى كرامتها وسعادتها

للأسف ومع تغير الطرف الأخر راح تكتشف انها خسرت كثير
وتغيرت كثير
وما تعرف نفسها اصلا

تحتاج اعادة تأهيل وبحث عن الذات مرة ثانية

وتحتاج لإعادة الحسبه وصف الأوراق
بس هالمرة بذكاء

انا عندي حكمه انقالت لي من زمان

اخذي اللي يحبج
مو اللي تحبينه
لأن راح يكون في سعي دائم لإرضائك
وكسب قلبك

:)

يالله كملي

وعلى فكرة شيلي تأكيد الكلمة من الستنق مال التعليق
يزهق حيل ترى

نواعم يقول...

يا حي الله الزين

صدقتي والله ( اخذي اللي يحبج )

الحياة لعبة

والفن لما الوحدة تكون متجددة تخلي الطرف الثاني يسعى دائما لإرضاءها..

عجبتني مداخلتج

ومشكورة ع التنبيه بالنسبة للتعليق

الحين اعدله ان شاء الله

إرسال تعليق

رايكم في أحداث القصة..